الصقر الجارح مشرف
عدد الرسائل : 196 العمر : 33 الموقع : http://www.fresh1.tk/ المزاج : رايق وعالي نشاط عضون : تاريخ التسجيل : 09/10/2008
| موضوع: رفع اليدين في العاء السبت نوفمبر 01, 2008 11:37 am | |
| [size=9]بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الكثير من الإخوة يظنون أن رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة بدعة ومخالف للسنة.. بسبب بعض الفتاوى التي لا تراعي اختلاف الفقهاء وتريد أن تحمل الناس على مذهب واحد فقط تراه هو وحده الصواب وما سواه باطل.. وهذا خطأ كبير جدا.. فسوف أثبت إن شاء الله أنه من السنة أو على أقل تقدير ليس مخالفا لها..
وإلى حضراتكم هذه الأدلة من كتاب قيم وممتع جدا هو "إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة" للحافظ عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى. مع بعض الزيادة مني أعلق فيها لتوضيح بعض المصطلحات حتى لا يكون الأمر صعبا على الإخوة والأخوات .. وكذلك ربما بعض الحذف لنقاط تطرق إليها الشيخ في كتابه لا تفيدنا في المسألة التي نتكلم عنها.. فالله المستعان وعليه التكلان (1) - حرمة الشيء أو كراهيته تستفاد من النهي عنه في نص شرعي صريح. - فقد تقرر في علم الأصول: أن النهي عن شيء إذا كان جازما يفيد تحريم المَنْهِيّ عنه، وإذا كان غير جازم يفيد مجرد الكراهة.
- مثال نهي التحريم : ﴿ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب ﴾ [ النحل : 116] . ففي الآية حرم الله على العباد أن يطلقوا ألسنتهم بالتحليل والتحريم بغير علم أو أثارة من الوحي.. لأن التحريم والتحليل هو حق لله تعالى وحده.. فمن عرف الحكم الشرعي في مسألة من المسائل لابد أن يحكم به .. ومن لم يعرف ولم يكن من أهل المعرفة الذين يستطيعون الاستنباط واستخراج الأحكام من النصوص فليسكت ولا يتكلم .. لأن كلامه هنا يعتبر كذبا.. لأنه يتكلم بما لا يعلم ولا يعرف.
- ومثال نهي الكراهة : قوله صلى الله عليه وسلم ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) [ متفق عليه: البخاري في الصلاة (444) ، ومسلم في صلاة المسافر(714/70،69) ]. ويدل على أن النهي هنا للكراهة عدم التشنيع على تارك ركعتي تحية المسجد لأن الأمر بهما يشمتل على مجرد الحث عليهما والترغيب فيهما.
- ويستفاد التحريم أيضاً من مادة حرم ومشتقاتها في اللغة العربية أي أن يُسْتَخْدَم لفظ التحرم صريحا في الآية أو الحديث: مثل ﴿ قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ﴾[ الإعراف : 33 ]. ورفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة خاصة لم يرد فيه نهي جازم, فلذلك لا يكون حراما .. ولم يرد أيضا فيه نهي غير جازم, فلذلك لا يكون مكروها ، إذن فليس رفع اليدين بشكل عام حراما ولا مكروها .. وكذلك رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة خاصة ليس حراما ولا مكروها لعدم ورود دليل يقتضي التحريم. (2) - ترك الشيء وعدم فعله لا يدل علي منعه أو تحريمه, لأن مجرد الترك وعدم الفعل ليس نهياً شرعيا والله تعالي يقول : ﴿ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾[ الحشر : 7] ولم يقل وما تركه فانتهوا عنه. وبيّن بنص الآية أن التحريم أو الكراهة لا يكون إلا بشكل صريح , وليس عدم القيام بالفعل دليلا علي النهي عنه. لذلك فمجرد ترك النبي (ص) لرفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة ـ على فرض أنه لم يفعله نهائيا ـ لا يفيد تحريمه ولا كراهيته . (3) تقرر في الأصول أن الآيه أو الحديث إذا شملت بعمومها أمراً , دل اشتمالها علي أنه مشروعٌ وجائز. وفي الحديث : "إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع العبد إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين" (إسناده حسن : رواه أبو داود في الصلاة < 1488> والترمذي في الدعوات <3566> وابن ماجه في الدعاء <3865> وابن حبان في الأحسان <877> ، وفيه أبو عثمان النهدي قال عنه الحفاظ مقبول الحديث) . هذا الحديث يدل على جواز رفع اليدين في الدعاء مطلقا وفي أي وقت طالما لم يرد نهي عنه في وقت أو ضع أو مكان معين, لأن الحديث اشتمل على ذكر رفع اليدين ولم يحدد وضعا أو قتا معينا ولم ينه عن وضع أو وقت معين . كما لم يرد حديث آخر يفيد ذلك النهي أو التخصيص بوقت أو مكان .. فالعمل يكون على جواز رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة أو في أي وقت آخر طالما لم يرد نص ينهى عن ذلك. وهناك حديث آخر يؤيد الحديث السابق .. اشتمل بعمومه على جواز رفع اليدين أيضا في الدعاء , عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما رفع قوم أَكُفَّهم إلى الله عزوجل يسألونه شيئا إلا كان على الله حقا أن يضع في أيديهم الذي سألوا) . [إسناده صحيح : رواه الطبراني في الكبير (6142) , وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 169) رجاله رجال الصحيح). ] فمن هذين الحديثين نعرف أن الأمر جائز وليس فيه كراهة أو حرمة. (4) هؤلاء الذين لا يكتفون في المسألة بدليل يشملها بعمومه ويطلبون دليلا خاصا يثبتها بعينها يوقعون أنفسهم في خطر عظيم في الدين, قد يؤدي بهم إلى الكفر وهم لا يشعرون.. لأنه لو كانت كل حادثة يشترط في مشروعيتها ونفي وصف البدعة عنها ورود دليل خاص بها لتعطلت عمومات الكتاب الكتاب والسنة التي تهدي إلى سنن الخير بشكل عام .. ولبطل الاحتجاج بها لأنها لا تفي بتحديد المسائل المقصودة بعينها من حيث الحكم بالحل أو الحرمة.. وهذا هدم لمعظم أدلة الشريعة ونصوصها التي جاءت عامة لتتسع فيها اجتهادات الأمة ولا تضيق على الناس أمورهم ولا تلزمهم بوجه واحد يحيل حياتهم إلى لون من العذاب .. وتضييق بغير حق ولا علم أيضا لما وسّع الله تعالى فيه على خلقه. والناتج من كلامهم والذي يلزم منه ويترتب عليه أن تكون الشريعة بنصوصها غير وافية أبدا بأحكام ما يحدث ويستجد من أحداث على امتداد الزمان.. (5) ومع أن الدليل العام يكفي في إثبات جواز رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة ومشروعيته وعدم تحريمه ولا كراهيته إلا أني سأذكر دليلا خاصا بالمسألة يذكر رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة ويدل على أنه من السنة وليس بدعة ولا حراما كا يزعم البعض.. - روى الطبراني عن محمد بن أبي يحيى قال : رأيت عبد الله بن الزبير وقد رأى رجلا رافعا يديه يدعو قبل أن يفرغ من صلاته, فما فرغ منها قال له: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته) [إسناده صحيح:عزاه الهيثمي في المجمع إلى الطبراني وقال رجاله ثقات (10/ 169)] - وروى الطبراني أيضا عن أبي بكرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها)[ قال الحافظ الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عمار بن خالد الواسطي وهو ثقة (10/169) ] وهناك أحاديث كثيرة تدل بعمومها على رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة .. اكتفينا منها بهذين الحديثين.. وللحافظ السيوطي جزء سماه "فض الوعاء عن أحاديث رفع اليدين في الدعاء " ذكر فيه مائة حديث .. وهذا العدد اتفق علماء الأصول والحديث على أنه يفيد التواتر. ومما جاء في الكتاب : ما رواه ابن أبي شيبة عن الأسود العامري عن أبيه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم , فما سلم انحرف ورفع يديه ودعا) [ذكره ابن حبان في الثقات, وقال الذهبي: محله الصدق وأبوه صحابي]
- وعلى هذا فالمسألة من صميم السنة وليست من البدعة.. - ولكن عملا بمبدأ مراعاة الخلاف لا نشنع عليهم ولا نتهمهم بالتنطع والابتداع لإنكارهم دلالة هذه الأحاديث العامة والحديثين الخاصين في المسألة – مع أن الخلاف هنا يحق لنا ألا نعتد به – فربما لم يعلموا بوجود هذه النصوص أو لم يستوعبوا مفهومها .. لكن نلومهم على الحكم بالابتداع على غيرهم لأنهم خالفوهم في مسألة تعتبر من فروع الفروع .. (6) مما هو معلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المندوبات.. بل اكتفى بإرشاده إليها في عموم الآيات والأحاديث الدالة على فعل الخير.. لأنه كان مشغولا بواجباتٍ عظام استغرقت معظم وقته.. وهي واجبات كونه رسولا وخليفة وقاضيا ومفتيا .. فكيف يتفرغ بعد هذا ليستوعب المندوبات كلها عملا؟ .. هذا محال ولا تستطيعه طاقة بشر .. فالتعلل في رفض بعض المندوبات بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله يعتبر سدا لأبواب كثيرة من الخير وحرمانا لتاركها من تحصيل ثوابها. (7) قال علماء الأصول: السنة هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته .. ولم يقولوا وتروكه (أي ما تركه ولم يفعله) .. لأن الترك ليس حكما شرعيا , ولا أثر له في التشريع (أي لا تعبره العلماء شيئا مؤثرا في إثبات حكم شرعي معين لمسألة معينة). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم , وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه) [ متفق عليه]. ولم يقل إذا تركت شيئا فاجتنبوه .. إذن .. مجرد ترك النبي صلى الله عليه وسلم لشيء ما, لا يعتبر دليلا على تحريمه .. لكنه يفيد أن تركه جائز وفعله جائز.. هذا والله تعالى أعلم انتهى [/size] | |
|